الحمل والولادةصحة المرأة
أخر الأخبار

من أجل صحتك وصحة طفلك _ احذري فصام ما بعد الولادة

الأم هي نبع الحنان، والأمومة فطرة عند الأنثى منذ نعومة أظفارها، وتزداد في مرحلتي الحمل والولادة خاصةً، وتظل الأم في اشتياق لرؤية وليدها للوهلة الأولى لحظة خروجه للدنيا، وحينئذٍ تنسى وطأة الألم ويبقى فقط جمال اللحظة.

ولكن أحيانًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

تتولد مشاعر جديدة متضاربة، تتأرجح بين الفرح والقلق والخوف عند بعض الأمهات، وخاصةً الجدد منهن، تُدخلهن في صراع نفسي داخلي، ربما هي الأعباء الجديدة التي لم تألفها مسبقًا، وربما الأعباء الكثيرة خاصةً إن كان لديها غيره من الأبناء، ولكن أيًا كانت الأسباب، فإن الأم في هذه الفترة (فترة ما بعد الولادة) تحتاج إلى مساعدة ودعم نفسي لتتخطى تلك الأزمة، وذلك على عكس ما نراه في مجتمعاتنا من تسفيه لهذه الحالة و إدراجها تحت سياق الدلال وعدم تحمل المسؤولية.

وتسمى هذه الحالة (فصام ما بعد الولادة) أو الذهان النفاسي وهي أشبه بانفصام شخصية الأم قبل وبعد الولادة.

دعونا اليوم نبحر في هذا المقال لنتعرف على أسبابه، وطرق العلاج، وكيفية التعامل مع الأم في مثل هذه الحالة.

فصام ما بعد الولادة (postpartum/postnatal psychosis)

الفصام حالة نفسية طارئة، تصيب الأم بعد الولادة، أحيانًا قد تبدأ بعد الولادة بإسبوعين، وربما بعدها  2-3 أيام، وتتصف تلك الحالة بتغير المزاج، اكتئاب، ارتباك وهلوسة، وأوهام وتخوف من فقد وليدها، الميل الى الانتحار، وتصبح شخصية الأم عدائية لدرجة أن تلحق الأذى بنفسها أو طفلها، و تستغرق هذه الأعراض ما بين أسبوعين إلى اثني عشر أسبوعًا، بينما مدة الشفاء قد تصل إلى سنة.

أسباب فصام ما بعد الولادة

بالرغم أن السبب الرئيسي لهذه الحالة غير معروف حتى الآن، إلا أن هناك بعض التفسيرات التي توضح السبب وهي:

  • تغير الهرمونات.
  • الولادة أول مرة.
  • مواجهات صعوبات أثناء الحمل والولادة.
  • تغيرات في الجهاز المناعي.
  • تاريخ سابق للمرض النفسي سواءً كانت الأم أو أحد أفراد شجرة العائلة.
  • قلة النوم.
  • الحمل المفاجئ وغير المخطط له.
  • تعاطي بعض أدوية المرض النفسي وتوقفها أثناء فترة الحمل. 
  • كسل الغدة الدرقية.

اقرأ أيضًا: كيفية انقاص الوزن بعد الولادة.

فصام ما بعد الولادة

أعراض فصام ما بعد الولادة

تبدأ الأعراض أول أسبوعين وربما أول يومين بعد الولادة، وتظهر عليها الأعراض التالية: 

  • تصبح الأم غير متكيفة مع ما حولها، وكأنها في عزلة عن العالم.
  • الهلاوس السمعية والبصرية والأوهام. 
  • تغيرات مزاجية ما بين بكاء وفرح و خمول ونشاط.
  • فقدان الثقة بنفسها وبمن حولها.
  • قلة التركيز.
  • أفكار غريبة وتصرفات غير طبيعية.
  • القلق والارتباك.
  • تصبح الأم عدوانية لا تحب طفلها وربما تُلحق الأذى به عن غير وعي، وعدم قدرتها على القيام بمهامها تجاهه على أكمل وجه.
  • اكتئاب شديد.
  • الميل إلى الانتحار.
  • زيادة الشهوة.
  • الشعور بالعظمة (paranoia).

تذكري _ يجب أن تفرقي بين المصطلحات الثلاثة

  • كآبة ما بعد الولادة (postpartum blues / baby blues)

وتكون الأعراض بسيطة  معتدلة في هذه الحالة ما بين بكاء وقلق وتغيرات مزاجية.

  • اكتئاب ما بعد الولادة (postpartum depression)

وهنا تكون الأعراض أشد ضراوة ما بين تغيرات مزاجية حادة، قلق شديد، وهن وضعف واضطرابات في النوم، قلة التركيز، واضطرابات في الشهية.

  • فصام ما بعد الولادة (postpartum psychosis)

وتتوسط الأعراض النوعين السابقين : من التغيرات المزاجية ، الخوف والقلق، أفكار خطيرة وهلاوس تؤذي الأم وطفلها، الميل إلى الانتحار ومن ثم الدخول في مرحلة الاكتئاب الشديد.

كيف يتم تشخيص الفصام؟

ويتم التشخيص عن طريق ملاحظة أفراد الأسرة والطبيب لظهور الأعراض على الأم، إذ أن الأم تشعر أنها سليمة ولا تعاني من أي أعراض.

يقوم الطبيب بعمل بعض الفحوصات الطبية والتحاليل لمعرفة نقص الأملاح والفيتامينات والكالسيوم والتي لها علاقة بتغيرات الحالة النفسية للأم.

علاج فصام ما بعد الولادة

  • يتم اعطاء الدواء حسب الأعراض والتي تختلف شدتها من امرأة لأخرى.
  • أهم نقطة في العلاج هي الدعم النفسي بجانب المتابعة.
  • لابد من الإسراع في إعطاء العلاج المناسب حتى لا تسوء الحالة مُشكلة خطرًا على الأم وطفلها.
  • لابد من دخول المستشفى لتلقي الرعاية اللازمة.

يشمل العلاج:

  • مضادات الاكتئاب (antidepressant).
  • مضادات الفصام (antipsychosis): لعلاج الهلاوس والأوهام.
  • مثبتات المزاج (mood stabilizers): مثل الليثيوم (Li).
  • ولحسن الحظ أن هذه الأدوية بعضها لا ينزل في لبن الأم أو أنها تنزل بكمية ضئيلة ( ما عدا الليثيوم)، لذا لابد من استمرار الرضاعة لزيادة الإتصال النفسي والجسدي بين الأم وطفلها، وزيادة تقبل الأم لطفلها، وفي حالة إذا كانت هناك بعض الأدوية تنزل في لبن الأم، فعلى الطبيب الموازنة بين الفوائد والأضرار. 
    • علاج سلوكي وإدراكي (cognitive and behavioral therapy).
    • لو لم يتم الاستجابة للدواء، أو كانت الحالة متأخرة يلجأ الطبيب إلى استخدام الصدمات الكهربائية (electroconvulsive therapy).

بعض النصائح لأفراد الأسرة وجميع المحيطين بالأم المصابة بفصام ما بعد الولادة

  • تكون الأم المصابة بالفصام أو الإكتئاب بعد الولادة في أضعف حالاتها، وذروة احتياجها للدعم النفسي والجسدي، لذا ينبغي ألا يبخل عليها أحد بالدعم والمساعدة، لاسيما في الاهتمام بالصغير،  وتهيئة جميع سبل الراحة الممكنة من أجل أن تتخطى هذه المرحلة بسلام، من غير خسائر نفسية أو جسدية.
  • التحدث مع جميع أفراد الأسرة لمواجهة المشكلة وتقديم الدعم اللازم كل فرد على حسب قدرته وإمكانياته.
  • الاهتمام بالتغذية الصحية لصحة الأم والطفل.
  • التقليل من الاستياء من الوضع الحالي بسبب الإهمال، أو عدم انتظام أمور الحياة بشكل مثالي.
  • إذا كنتِ تخططين للحمل مرة أخرى، يجب عليكي المتابعة أثناء الحمل والولادة، والتخطيط السليم لهذا الحمل لتقليل الإصابة والخطر.
  • بجانب العلاج لابد من طلب الدعم من المؤسسات المتخصصة في هذه الحالات (connect with online support).

وبعد… تمتلئ حياة الأم بالأفراح والأتراح، وتبقى دائمًا ذلك الجبل الصامد الذي لا يهتز ولا تُثنيه الصعاب، تقاوم من أجل أطفالها، وما تلبث أن تزول المحنة، ولا يزيدها ذلك إلا قوةً وثباتًا، لأنها وبكل بساطة …. أُم.

المصدر
NHspostpartumwebmdhealth line

د. سمر مصطفى عبيد

صيدلانية وكاتبة محتوى طبي
زر الذهاب إلى الأعلى