صحة الطفلطب وصحة
أخر الأخبار

كُل ما تحتاج معرفتَه عن تقوية شخصية الطفل

منذُ بداية زواجهما وتحديدًا بعدَ إنجابهما طفلهما الأول، تساءلَ الأبوان عن سر تقوية شخصية الطفل، وعزما على تحقيق هذا الهدف، فألحقا طفلهما بأفضلِ مدرسةٍ في المدينة، وحَرِصا على قضاء ساعاتٍ طوال في متابعة واجباته المدرسية وإكمالها على أتمّ وجه، كانا يشتريان له أفضل الثياب والمتعلقات الشخصية، وتزويد جسده بأطايب الطعام والحلوى، فهل نجح الوالدان في تحقيق هدفهما أم خفي عليهما شيء؟ هذا ما سنعرفه في السطور الآتية.

ما هي الشخصية؟

هي مجموع الصفات والمؤهلات والتصرفات وأنماط التفكير التي تشكل الفرد، وتجعله مُتميزًا عن غيره.

العوامل المؤثرة في تكوين شخصية الطفل

تساهمُ العديد من العوامل في تشكيل شخصية الطفل، وجميعها تتداخل بنسبٍ متفاوتة.

من هذه العوامل مثلًا: 

١- الأبوان وطبيعةُ شخصيتهما وخلفيتهما الأسرية.

٢- العائلة الممتدة كالجد والجدة والأعمام والأخوال.

٣- المدرسة والطاقم التعليمي بها.

ما الذي يجعلُ تقوية شخصية الطفل مهمةً إلى هذه الدرجة؟

ستعرفُ إجابة هذا السؤال بسهولةٍ إذا راقبتَ طفلًا أحسنَ أبواه تربيته وتقوية شخصيته، ستراه واثقًا من نفسه راغبًا في تجربة أشياء جديدة، ولديه القدرة على بذل أفضل ما لديه من جهد، وحتى إذا أخطأ فلن يستسلم بسهولةٍ بل سيتعلمُ من خطئه وسيعيد المحاولة، وكنتيجةٍ لكل هذه السمات فسيصبح أفضل نسخةٍ من نفسه في البيت والمدرسة والمجتمع، وهذه أفضل أمنيةٍ لكل أبٍ وأم.

الطفل قويّ الشخصية 

سيكون من حقك تمامًا أن تتساءل: وكيف سأعرف أن طفلي قويّ الشخصية أم ضعيفُها؟ هل يمكن قياس ذلك؟ لحسن الحظ نعم، وهناك بعض العلامات التي قد تساعدك في ذلك، فالطفل قوي الشخصية يتميزُ بالآتي:

١- يشعرُ أنه مقبولٌ ومحبوب، قبولًا وحبًا غيرَ مشروطين.

٢- واثقٌ من نفسه.

٣- فخورٌ بإمكانياته ومواهبه وما يستطيع فعله.

٤- أفكاره إيجابيةٌ عن نفسه.

الطفل ضعيف الشخصية 

كما يمكنُ الاستدلال على الطفل قويّ الشخصية، فإنه يمكن -كذلك- التنبؤ بضعف شخصية الطفل بعدة علامات، منها مثلًا:

١- أنه ينتقدُ نفسه كثيرًا وبشكلٍ قاس.

٢- يعتقدُ أنه أقل كفاءةً من الأطفال الآخرين ويشكُ دائمًا في قدراته.

٣- يركزُ على فشله أكثر من تركيزه على نجاحه.

٤- غير واثق من نفسه.

٥- يستسلم بسهولةٍ خوفًا من الفشل، وقد لا يحاولُ أصلًا.

كيف تقوي شخصية طفلك؟

أعتقدُ أنك -عزيزي القارئ- أصبحتَ مُتلهفًا لمعرفة إجابة هذا السؤال بعد أن عرفت أهمية أن يكون طفلك قوي الشخصية، فما دورك في هذا الأمر؟

هناك بعض التصرفات التي نظنها بسيطةً أو غيرَ مؤثرة لكن لها أكبرَ الدور في دعم قوة شخصية أطفالنا، وسنتعرف عليها في السطور التالية.

الاهتمام 

يبدو أمرًا صعبًا في عصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعيّ، بالإضافة إلى انشغالاتنا ومسؤولياتنا الكثيرة، لكننا نذكرك أن التربية ليست -فقط- إطعامَ طفلك والتأكد من أدائه واجباته المدرسية، لكنها الاهتمام بملاحظة الطفل، والاستماع الفعال لحديثه، ومشاركته تفاصيله الصغيرة، حينها يشعرُ أنك مهتمٌ به وهذا يزيدُ من الثقة بينك وبين طفلك.

كُن قدوةً لطفلك

الأفعال -دائمًا- أبلغُ من الأقوال، وستظلُ أسهلُ طريقةٍ لتعليم طفلك شيئًا جيدًا أن تفعله بنفسك ويراه طفلك عادةً لك، ساعتها لن تحتاج إلى كلامٍ كثير لن ينفذ إلى قلب طفلك مثلما نفذ إليه فعلك.

وتذكر أن طفلك البرئ أشبهُ بكاميرا فيديو، يسجل تصرفاتك وألفاظك وتعاملاتك ثم يعيدُ إنتاجها على طريقته، فأنت قدوته ومدرسته الأولى.

التسامح مع الأخطاء

نعلم جميعًا أن الأطفال يخطئون، لكن من قال أنّ الآباء والأمهات أيضًا لا يخطئون؟! جميعنا نقع في أخطاء أثناء التعامل مع أبنائنا، لذا من المهم أن نتعلم أن نسامح أنفسنا ونتعلم من الخطأ ونبدأ من جديد.

كذلك يجب أن نسامح أطفالنا في الأخطاء الصغيرة التي تقع منهم، ونتذكرَ دائمًا أن الخطأ جزءٌ مهمٌ من عملية التعلم، هذا التعامل يزيد من قوة شخصياتهم ويساعد على تطويرها.

العِقاب وتقوية شخصية الطفل 

يقعُ بعض الآباء المتحمسين في خطأ التدليل المفرط لأبنائهم، ويعتقدون أنّ العقاب والتأديب ينافي أن ينشأ الطفل قوي الشخصية، لكن العقاب ضروريّ كما المكافئةُ مهمة، لكن لا بد أن يكون عقابًا لطيفًا حازمًا، يتعلم منه طفلك الخطأ والصواب، ويفهم منه أنك تحبه وتهتم لأمره، لا أن يكون عقابك لطفلك قاسيًا تفرغ به غضبك ولا ينتجُ عنه سوى طفلٍ عنيد.

رتب أولوياتك

طفلك نتيجةٌ لاختيارك الحر، جاء إلى هذا العالم بإرادةٍ حرة من والديه المسؤولَين، لذا من حقه عليك أن تجعله من أولى أولوياتك وعلى رأس قائمة أمورك المهمة، لا أن تنظر إليه على أنه عبءٌ أو ثقلٍ على حياتك.

ساعد طفلك على معرفة نفسه!

الوعي الذاتي هو مربط الفرس في تقوية شخصية الطفل. ساعد طفلك على معرفة نقاط قوته ونقاط ضعفه وما يستطيعُ فعله. سيساعده ذلك في تقرير المناسب له ولشخصيته وزيادة ثقته في نفسه.

اشرح له أنه لا يلزم -أبدًا- أن يكون أفضل طفلٍ في كل شيء، وأنه يكفي أن يتميز في ما يحبه أو يناسبه، وأنّ الأهم أن يجربَ ويستمتع بالتجربة.

شجع طفلك على اتخاذ قراراته بنفسه

لا يجبُ أن تكون قراراتٍ كبيرة، دعه -مثلًا- يقرر أيَّ قصةٍ يحبُ أن يقرأَ قبل النوم، أو ماذا يحب أن يفعلَ بعد العودة من المدرسة.

تعوّد طفلك تقرير أمورٍ صغيرة بشكلٍ منتظم يؤهله لاتخاذ قرارات أكبر في المستقبل ويزيد كفاءته ويقوي شخصيته.

الشاشات الإلكترونية ليست أفضل صديق لطفلك

أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن قضاء الطفل ساعاتٍ طويلة أمام الشاشات الإلكترونية له تأثير سلبي على معدلات الذكاء والتعامل الاجتماعي عند الأطفال. وبالتالي لن يُِساعد ذلك على الإطلاق في تقوية شخصية الطفل، لذا يُنصح بتقليل وقت مكوث الطفل أمام الشاشات وتشجعيه على نشاطاتٍ بدنية وذهنية أخرى.

العب مع طفلك

أن تترك طفلك يلعب بمفرده أو مع إخوته وأصدقائه شيء، وأن تُشاركه اللعب والمرح شيءٌ آخر تمامًا. فبقضاءك وقتًا كهذا مع طفلك فإنك تُقوي علاقته بك وتبعثُ إليه رسالةً مفادُها أنك مهتمٌ به. وهذا له بالغُ الأثر في تقوية شخصية الطفل.

إياك والمقارنة!

لا نبالغُ حين نقول أنه من أسوأ التصرفات التي يرتكبُها البعض في حق أطفالهم مقارنتهم بأطفالٍ آخرين، سواءً كانوا من الأصدقاء أو الأقرباء أو غيرهم.

وقد يكون دافع الآباء حسنًا عندما يفعلون ذلك، فقد يعتقدون أن مقارنة طفلهم بطفلٍ آخر يجعله يتحمسُ ليُحسن من نفسه ويصبح أفضل. لكن الحقيقة المؤسفة أن ذلك لا يحدث، وأن الطفل يُصاب بحالةٍ من الإحباط واليأس، وقد يحاولُ الاستجابة لمقارنات والديه فينتهي به المطاف إلى التقليد الأعمى وطمس معالم شخصية الطفل المميزة.

شجّع طفلك على تجربة أشياءَ جديدة

للتجاربِ الجديدة أثرٌ إيجابيّ كبير في تقوية شخصية الطفل وزيادة اهتماماته وثقته بنفسه. مثلا رياضة جديدة، أو مهارة لم يجربها قبلًا كالطبخ أو الرسم، أو رحلة إلى مكان لم يزره من قبل.

ساعد طفلك على تكوين صداقات

يحاولُ كثيرٌ من الآباء والأمهات حماية أبناءهم من أصدقاء السوء والمتنمرين في المدرسة، وهذا شيء مطلوبٌ بلا شك. لكنّ البعض يُبالغون إلى درجة عزل أطفالهم عمن حولهم. هذه العزلة ثؤثر سلبًا على مهاراتهم الإجتماعية وقدرتهم على التواصل مع من حولهم.

لذا ساعد طفلك على تكوين شبكة من الأصدقاء، فهذه العلاقات تصقل شخصية الطفل وتنميها، وليكن لك دور في توجيهه وإرشاده في كيفية اختيار أصدقاءه.

ساعد طفلك على مساعدة غيره!

لا بدّ أننا رأينا كثيرًا مشهدَ طفلٍ يُساعد رجلًا مسنًا على عبور الطريق، وكم وجدناه منظرًا لطيفًا وكم امتدحنا الطفل وتربية والديه. لكننا هنا لنقول لك إن مساعدة طفلك غيرَه وتقديمَه الخدمات البسيطة له يُضاعف ثقته بنفسه وقدراته وينمي شخصيته ويقويها.

لذا في المرة القادمة التي يُنهي فيها طفلك طعامه دعه يُساعدك على تنظيف الأطباق، واسمح له أن يساعد أخاه الصغير على ارتداء حذاءه، وأن يُناول والدته أحد الأغراض، ولا تنس أن تشكره بعدها بكلماتٍ رقيقة، أو تمنحه عناقًا دافئًا، وراقب بعدها كيف يتحول طفلك إلى شخص بالغٍ يُعتمد عليه.

امدح طفلك..لكن بحكمة!

كيف ذلك؟ هل يحتاجُ المدح إلى حكمة؟ ألا نستطيع مدح أطفالنا بغير حساب؟ والإجابة تحتاجُ إلى تفصيل، فمثلًا:

١- لا تُبالغ في المدح فيفهم طفلك أنه مدح مصطنع لا يستحقه. فإذا كان لعبه سيئًا لا تقل له: لقد لعبتَ بشكلٍ رائع للغاية! بدل ذلك قل: أعلمُ أنّ لعبك اليوم لم يكن أفضل ما لديك، لكنك بذلتَ جهدك وأنا فخورٌ بك.

٢- امدح الجهد لا النتيجة، وامدح تقدمه وحسن تصرفه بغض النظر عن النتائج التي ستحدث.

الانتقاد الحاد هو العدو اللدود لتقوية شخصية الطفل

على عكس ما يعتقد كثيرٌ من الآباء والأمهات، فإن كثرة 

انتقاد أبناءهم لا تُحسن تصرفاتهم، بل ربما تزيدُ الطين بلة! وقد تتساءلُ مُستغربًا: ولكني أوجه طفلي وأنبهه على أخطائه، فكيف يؤذي ذلك شخصيته؟

تأثير الانتقاد الزائد على شخصية الطفل

وإجابة سؤالك -عزيزي القارئ- هي أنّ كثرة النقد تجعل طفلك هشًا من الداخل، وخجولًا منطويًا على نفسه،

وحساسًا لأي كلمةٍ أو نظرةٍ انتقاديةٍ من الآخرين.

الأسوأ أنّ الكلمات التي يسمعها طفلك منك تتحولُ بسهولةٍ إلى الطريقة التي يعتقدونها عن أنفسهم. فإذا كنتَ مُعتادًا على وصف طفلك بالكسول الذي لا يصلح لشيء فقد يصدق طفلك هذا الأمر عن نفسه ويتحول إلى شخصٍ كسولٍ حقًا رغم أنه ليس كذلك في الحقيقة، لكن عقله صدق كلمات والديه أكثر من أي شيء آخر.

كيف أتجنبُ الانتقاد الزائد لطفلي؟

١- علمه، وساعده فيما تطلب منه وأره بنفسك كيف يفعل الأشياء.

٢- تسامح مع أخطاءه الصغيرة وتجاوزها.

٣- لا تجعل المهام المطلوبة منه صعبةً للغاية فيكون الفشل فيها سهلًا، وكذلك لا تجعلها سهلة جدًا فيشعرَ الطفل بالاستخفاف.

٣- تحل بالصبر، فليس كل الأطفال متشابهين، وبعضهم يتعلم أسرع أو أبطأ من غيره.

في النهاية نذكرك -عزيزي القارئ- أنَّ عملية التربية عمليةٌ مستمرةٌ مدى الحياة، وأنه يمكننا دائمًا تصحيح الأخطاء والبدء من جديد، وأنّ الفرصة لا زالت موجودة تحملُ الأمل لنا ولأطفالنا.

المصدر
kidshealth.orgunderstoodnalandaschool.org

د. الشيماء محمد

طبيبة أسنان، وكاتبة محتوى، أسعى إلى إثراء المحتوى العربي والطبي خاصة، وتسهيل المعلومة الطبية وإيصالها للمجتمع بأيسر صورةٍ ممكنة.
زر الذهاب إلى الأعلى