الصحة النفسيةصحة الطفل
أخر الأخبار

أثر فقدان أحد الوالدين على مشاعر الطفل

إن توديع أحد الوالدين هو أحد أصعب الأشياء التي نواجهها في حياتنا، لكنه أيضًا شيئًا سوف نمر به جميعًا، وعلينا مواجهة هذا الأمر. ولكن ما هو أثر فقدان أحد الوالدين على مشاعر الطفل؟

دعني أولاً أن أطرح عليك سؤالاً في غاية الأهمية، هل يوجد أسوأ سن لفقدان أحد الوالدين؟

دعنا نتفق بأن الأمر فاجعة كبيرة وتجربة مؤلمة، والحزن والألم ليسا منافسة، حيث تعتمد الآثار الناتجة لفقدان أحد الوالدين في مرحلة الطفولة على العلاقة بين الوالدين والطفل من قبل والدعم الذي يتلقاه الطفل بعد الوفاة.

لذلك لا يوجد حقًا شيء مثل ” أسوأ سن لفقدان أحد الوالدين”، حيث يعتقد معظم الناس أن فقدان أحد الوالدين في سن أصغر هو أصعب شيء لأن التعلق أمر مؤلم.

ومن ناحية أخرى قد يعاني الأطفال الأكبر سنًا أو حتى البالغون من قدر كبير لأنها خسارة كبيرة في حياته، ربما الطفل لا يمتلك أصدقاء أو أشخاص تجعلهم يعبروا تلك التجربة بسلام.

لذلك وبكل بساطة لا يوجد أسوأ أو أفضل سن للفقدان، الفقد هو الفقد، وسوف نتعرف في هذه المقالة على كيف يمكن للطفل أن يتخطى تلك المرحلة.

كيف تؤثر وفاة أحد الوالدين على الطفل؟

عادة ما يزيد أثر فقدان أحد الوالدين من احتمالية حدوث العديد من الأشياء التي تؤثر على مشاعر الطفل ومنها:

  • عدم كفاية رعاية الطفل وبالتالي يزيد الوضع الاقتصادي للأسرة سوءًا.
  • في بعض العائلات يعني ذلك زيادة الضغوط على الطفل الحزين لتحمل مسؤوليات الوالد المتوفى والعزلة عن الأصدقاء.
  •  في حالات أخرى ستؤدي وفاة والديهم إلى تدهور الحالة النفسية والاجتماعية للطفل.
  •  ويحدث تغيرات في السلوك، وزيادة التوتر، واضطرابات النوم.

حيث تكون الآثار النفسية على مشاعر الطفل بسبب فقدان أحد الوالدين ” الأم أو الأب” خلال سنوات تكوين الطفل كبيرة. فإن الأطفال الذين يعانون من فقدان الوالدين معرضون بشكل أكبر للعديد من النتائج السلبية، بما في ذلك المشكلات العقلية.

على سبيل المثال:

  • الاكتئاب والقلق.
  • الشكاوى الجسدية وأعراض الإجهاد اللاحق للصدمة.
  • وقصر فترة الدراسة وبالتالي نجاح أكاديمي أقل.
  • قلة تقدير واحترام الذات.
  • المزيد من السلوكيات الجنسية الخطرة.

وتشمل بعض من أعراض الحزن السلوكي لدى الطفل:

  • انسحاب وحالة من نكران الأمر.
  • البحث عن المتوفى في كل مكان.
  • تجنب الأماكن والأشخاص الذين يذكرونهم بالميت.
  • التغييرات في عادات الأكل.
  • بكاء متواصل.

كيف يساهم المجتمع في تخفيف أثر فقدان أحد الوالدين على مشاعر الطفل؟

بالنظر إلى الآثار السلبية طويلة المدى المرتبطة بوفاة الوالدين، من الضروري أن يساعد المجتمع الأطفال على الحزن بطريقة صحية.

حيث أنه مع كامل الأسف أنه غالبًا ما تقف المعتقدات الثقافية، وسوء الفهم المستمر في طريق تقديم الدعم المناسب للأطفال، وإلحاق الضرر بهم بدل من تحقيق دعم حقيقي للطفل.

يرغب العديد من الأطفال في مشاركة قصتهم بعد فقدانه لأحد والديه. حيث تُعد رواية قصتهم هي تجربة شفاء، وتكون من أفضل الطرق التي يمكن للكبار أن يساعدوا بها الصغار المعزولين هي الاستماع إلى قصصهم، حيث يحتاج الأطفال أيضًا إلى استمرارهم في الأنشطة العادية، والرعاية مثل الكثير من العناق، والتواصل.

ماذا يحتاج الأبناء الثكلى بعد وفاة أحد الوالدين؟

كما ذكرنا رغبة العديد من الأطفال في مشاركة قصتهم، حيث أنهم قد يرغبون في إخبارك بما حدث، وأين كانوا عندما تم إخبارهم بالوفاة، وكيف كان الحال بالنسبة لهم؟

لذلك يحتاجون إلى:

الاستمرارية

من المهم الحفاظ على الأنشطة العادية في المنزل والمدرسة والمجتمع حيثما أمكن ذلك، يمكنك التحدث إلى مدرسة طفلك ومعلمته حول ما حدث في أقرب وقت ممكن حتى يتمكنوا من تقديم دعم إضافي لطفلك.

الرعاية

خذ وقتًا لمنح طفلك الكثير من العناق، يمكن أن يكون الحزن تجربة وحيدة وصعبة للغاية على الأطفال والكبار، نقدر ذلك، لكنه من المهم أن يستمر طفلك في الشعور بالرعاية، حيث من الممكن أن يكون من المفيد أن تطلب من أفراد الأسرة والأصدقاء الآخرين مساعدتك في رعاية طفلك في الأسابيع التالية للوفاة عندما يكون حزنك غامرًا، فأنت ايضًا تحتاج إلي رعاية وهدنة مع نفسك.

الاتصال

عندما يموت أحد أفراد الأسرة يمكن أن تشعر الأسرة بأكملها بالكسر وعدم اكتمالها، من الطبيعي تمامًا أن ترغب في الانسحاب لفترة من الوقت وفي هذا الوقت يمكن أن يشعر الأطفال بالوحدة والانفصال عن والدهم الحزين.

من المهم أن يظل طفلك قادرًا على الشعور بالارتباط بالوالد الذي مات وبك، سنتعرف في الخطوات التالية على كيف يمكنك القيام بذلك:

أولًا عليك معرفة احتياجات طفلك للتعامل مع مشاعره بعد فقدان أحد الوالدين، فإنه على وجه التحديد يحتاج إلى:

  • معلومات كافية عن الوفاة.
  • معالجة مخاوفهم وقلقهم.
  • الاطمئنان إلى أنهم ليسوا مسؤولين.
  • الاستماع الدقيق.
  • الاعتراف وقبول مشاعرهم وحزنهم.
  • الشعور بالأمان في العالم.
  • احترام طريقتهم في التعامل مع مشاعرهم وحزنهم.
  • معرفة من الأشخاص الذين يساعدون؟
  • الانخراط والإدماج في الطقوس واحتفالات الذكرى السنوية.
  • فرص لتذكر الشخص الذي مات.

يوجد بعض الأسئلة التي يمكن أن تدور بداخل طفلك، ولا يفصح لك عنها مثل:

  • من سيعتني بي؟
  • هل سأمرض؟
  • هل تسببت في وفاة والدي؟

حيث أنه من الممكن أن تؤدي وفاة أحد الوالدين إلى زعزعة أسس إيمان الطفل بالعالم كمكان آمن. وسوف يحتاج طفلك إلى الكثير من الطمأنينة والتشجيع ليبدأ في الشعور بالأمان مرة أخرى. حيث إنه قد يشعر بعض الأطفال بالقلق من الإصابة بالمرض وموت أنفسهم وقد يطمئنهم إلى زيارة طبيب الأسرة لإجراء فحص طبي. إنها فكرة جيدة أن تتصل بالطبيب قبل زيارتك حتى يكون مستعدًا لأي أسئلة قد يطرحها طفلك.

كيف يمكنني مساعدة طفلي على اكتشاف مشاعر حزنه وكيف يمكنه التعبير عنها؟

قد لا يرغب الأطفال بالضرورة في التحدث ولكن يجب أن يكونوا قادرين على التعبير عن حزنهم، وفيما يلي بعض الاقتراحات العملية لمساعدتك في ذلك:

  • التكلم: تحدث عن الشخص الذي مات واستخدم اسمه.
  • اصنع صندوق ذاكرة: اصنع صندوقًا للذاكرة واستخدمه لتخزين الأشياء الثمينة التي تقدم ذكريات عن الوالد الذي مات.
  • اجعل الصور متاحة: اجمع الصور المتوفرة وقم بعمل نسخ لطفلك.
  • قم بعمل ألبوم صور ومجلة: قم بإنشاء ألبوم من الصور الفوتوغرافية والقصص، واحتفظ بمفكرة للذكريات.
  • ضع المعلومات معًا: ضع الأسئلة معًا لتكوين صورة شخصية للوالد، يمكنك طرح الأسئلة والإجابة عليها معًا كعائلة قبل وفاة أحد الوالدين، على سبيل المثال:
  • ما هو طعامهم المفضل؟
  • ما هو مكانهم المفضل؟
  • ما هو برنامجهم التلفزيوني المفضل؟
  • ربط الأشياء والأشياء الخاصة: من المهم للأطفال الحصول على بعض الأشياء الخاصة التي تخص والديهم، قد تكون هذه الملابس أو المجوهرات أو أشياء أخرى.
  • خصص وقتًا للجلوس والاستماع: سيتحدث طفلك عندما يكون جاهزا وعادة سيكون ذلك على دفعات صغيرة، هذه نوافذ ثمينة لكي يستطيع طفلك فهم ما حدث.
  • خلق الطقوس: إنشاء طقوس خاصة وفريدة من نوعها أو أنشطة إحياء ذكرى.

متى يمكن أن يساعد العلاج طفلي بعد أن فقد أحد الوالدين؟

غالبًا ما يحمي الأطفال والديهم خوفًا من أن يجلبوا المزيد من الحزن إذا عبروا عن حزنهم، ويواجه الأطفال أحيانًا صعوبات في الحزن وقد يحتاجون إلى مساعدة مهنية.

دعنا نتعرف على العلامات التي تشير بأن طفلك يحتاج إلى المساعدة المهنية، حيث أنه هناك العديد من هذه العلامات طبيعية بعد وفاة أحد الوالدين ولكنها قد تشير إلى وجود مشكلة إذا استمرت لفترة طويلة ولا يبدو من المحتمل أن تتغير.

  1. صعوبة الكلام: لديه صعوبة مستمرة في الحديث عن والدهم الذي مات.
  2. عدوان: يُظهر السلوك العدواني والغضب.
  3. الأعراض الجسدية: لديه أعراض جسدية وانزعاج غير مبرر مثل آلام المعدة والصداع.
  4. مشاكل النوم والأكل: يعاني من صعوبات في النوم واضطراب في الأكل مثل الإفراط في تناول الطعام أو قلة الشهية.
  5. انسحاب اجتماعي ملحوظ: لا يريد الاختلاط مع الأصدقاء أو غيرهم من خارج الأسرة.
  6. صعوبات المدرسة: لديه انعكاس أكاديمي خطير أو عدم القدرة على التركيز أو مشاكل سلوكية.
  7. الذنب: لديه اللوم أو الذنب المستمر.
  8. السلوك المدمر للذات: ينخرط في سلوك محفوف بالمخاطر ويتحدث عن الرغبة في إيذاء أنفسهم.

اقرأ أيضاً إدارة الغضب العدواني عند الأطفال

ما هو الدور الهام الذي سوف يقدمه العلاج لك ولطفلك؟

يوفر العلاج للطفل أو المراهق الفرصة للتحدث عن أشياء صعبة للغاية في بيئة آمنة وغير حاكمة. حيث من الممكن أن يقترح عليك المعالج أو المستشار أن تأتي مع أطفالك وأن تتحدثوا جميعًا معًا. سيحتاج الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات إلى فرصة التعبير التي يقدمها العلاج باللعب.

تذكر أن الأطفال الصغار والرضع يتأثرون بشدة أيضًا بفقدان أحد الوالدين على الرغم من أن طريقتهم في إدارة المشاعر لن تكون واضحة دائمًا.

وأخيرًا من المهم أن يعرف طفلك أنه لا بأس من قول أن شيئًا محزنًا وصعبًا قد حدث لهم. ولكن يمكنهم أيضًا الاستمرار في التمتع بحياة إيجابية. بعد وفاة أحد الوالدين يشعر الأطفال على الفور أن عالمهم غير آمن، لذلك يتعين على العائلات تزويدهم بالبنية الداعمة والتأكيدات بأن احتياجاتهم ستُلبى. لكن نصيحة لك أيها الوالد ” لا تكن الأبوين وحدك” عليك أن تبحث عن المساعدة لك ولطفلك، لا بأس في طلب المساعدة. 

المصدر
kidshealth.orgparentingforbrainallpsychologycareersvice.com

ندى عزت

كاتبة محتوى طبي متخصص في الصحة النفسية. تسعى إلى تبسيط المعلومات الطبية وعرضها بأسلوب علمي بسيط للقارئ
زر الذهاب إلى الأعلى