كلمة القولون في أذهان الجميع علامة تابعة للقلق والتوتر أو التغذية غير السليمة. بات جزء من الثقافة العامة اتباع الأنظمة التي تحافظ على القولون من الانتفاخ، ولكن ما هو القولون كعضو وأين مكانه في الجسم وهل يمكن استئصال القولون؟
القولون هو جزء من الجهاز الهضمي وبالتحديد من الأمعاء الغليظة. وبالرغم من وقوعه في آخر جهازك الهضمي إلا أن أعراض التهاب القولون تشمل الجهاز الهضمي كله. وقد تشعر بها من أول إمتلاء المعدة وانتفاخها مرورًا بغازات الأمعاء وحتى فتحة الشرج في النهاية واضطراب الحالة الإخراجية بين إسهال وإمساك.
سنتعرف في هذا المقال عن أسباب استئصال القولون وأنواعه، وما تتوقعه قبل وفي أثناء وحتى بعد عملية استئصال القولون نفسها حتى نقطة العودة للحياة الطبيعية بعد ذلك.
محتويات المقال
أنواع استئصال القولون
يختلف حجم الجزء المطلوب استئصاله من القولون تبعًا للحالة، إذ أن الجراحة محددة بالجزء المصاب فقط منه وتنقسم إلى:
- استئصال جزئي: يقوم الجراح باستئصال الجزء المصاب فقط من القولون وتجرى بالمنظار غالبًا.
- استئصال نصفي: يكون نصف القولون الأيمن أو الأيسر مصابًا بالكامل أو ينزف بشدة فيضطر الجراح لإزالة النصف كله.
- استئصال القولون بالكامل: في حالات سرطان القولون المتقدم أو حالات النزف الشديدة، وفي بعض الحالات تشمل العملية استئصال المستقيم مع القولون.
أسباب استئصال القولون
استئصال القولون ليس خيارًا سهلًا، ولا يلجأ له الطبيب إلا لظروف قاهرة يكون فيها خطر على حياة المريض مثل:
- التواءات أو تشابكات في القولون مما يعقده ويجعل وصول الأكسجين للجزء المربوط داخل العقدة صعبًا مما يجعل الغرغرينة كابوسًا محققًا لهذا الجزء.
- سرطان القولون وهنا يكون بهدف قطع طريق السرطان في النمو وبالتالي السيطرة عليه وزيادة نسبة الشفاء منه.
- مضاعفات داء كرون (crohn’s disease)؛ إذ يسبب داء كرون زيادة سمك جدار الأمعاء مما قد يؤدي إلى خنق جزء من الأمعاء واحتباس المواد الغذائية بها وهنا يكون التدخل الجراحي باستئصال هذا الجزء من الأمعاء حيوي لإنقاذ باقي الأمعاء.
- النزيف الشديد كما في بعض الحوادث أو الإصابات الشديدة يكون الاستئصال الجزئي ضروريًا لإنقاذ المريض.
- مضاعفات مرض التهاب القولون التقرحي (ulcerative colitis) وهو مرض يصيب القولون ويسبب التهاباً شديدًا وقروح متجددة فيه مما يزيد من خطر تكون الجلطات وأيضًا يضاعف نسب الإصابة بسرطان القولون.
- الحالات المتقدمة من التهابات الرتج: ويعني وجود جيوب متورمة داخل القولون تعرضه لالتهابات مزمنة ومتكررة، غالبًأ من يتم علاجه بالمضادات الحيوية ولكنه أحيانًا يسيء التصرف ويستلزم جراحة للتخلص منه.
- الجراحات الوقائية: هناك بعض الناس يعانون من حالات مرضية أو وراثية تنبئ بإحتمالية كبيرة للإصابة بالسرطان مثل وجود جيوب في القولون تدعي سلائل القولون (Colonic polyps) وهى غالبا حميدة ولكنها قد تنبيء بسرطان القولون.
أو وجود تاريخ مرضي وراثي لأمراض يصحبها سرطان القولون مثل داء لينش (Lynch syndrome) وهي حالة وراثية ينبئ وجودها إحتمالية كبيرة للإصابة بالسرطان وبالأخص سرطان القولون وسرطان بطانة الرحم.
ما قبل عملية استئصال القولون
عملية استئصال القولون غير مألوفة للجميع ويكون المريض في حاجة للطمأنينة وفهم سير العملية التي سيمر بها ليسهل عليه التعافي بعد ذلك.
وهناك خطوات يجب إعلام المريض بها قبل العملية مثل:
- التوقف عن تعاطي أي أدوية قبل بدء العملية بأسبوع كامل.
- يُطلب من المريض فقط تناول المشروبات الصافية بدون أكل صلب أو في بعض الحالات صيام كامل لمدة 12 ساعة قبل العملية.
- أشعة وتحاليل ما قبل العملية وقد تُجرى عملية منظار بسيطة للتأكد من خلو القولون قبل بدء العملية.
- تفريغ القولون بالكامل بالملينات سواء عن طريق الفم أو عن طريق الحقن الشرجية لضمان عدم وجود أي فضلات داخل القولون.
اقرأ أيضاً: أعراض سرطان القولون
عملية استئصال القولون
هناك طريقتين لإجراء عملية استئصال القولون إما بالمنظار أو بعملية البطن المفتوح ويجرى كلاهما بتخدير كامل ولكن الفرق بينهما كالتالي:
- استئصال القولون بالمنظار
تجرى هذه العملية عن طريق إجراء شقين صغيرين في جدار البطن ما يكفي لإدخال أنبوب به كاميرا للعرض على شاشة خارجية لكي يستطيع الجراح رؤية الأمعاء من الداخل وأنبوبة بها القاطع.
يستطيع الطبيب إيجاد الجزء المصاب وقطعه ثم ربط النهايتين السليمتين. ومن أهم مميزات هذا الإجراء هو صغر حجم الجرح وبالتالي سرعة التعافي منه ولكنه مقصور على الاستئصال الجزئي لا الكلي.
- استئصال القولون عن طريق البطن المفتوح
يتم هذا الإجراء كما هو معروف كصورة ذهنية عن العمليات الجراحية، تفتح بطن المريض ويرى الجراح الأمعاء كاملة.
يستأصل الطبيب الجزء المصاب أو القولون كاملًا إذا استدعت الحالة ثم يقوم بغلق الجرح وبالطبع هذه العملية تشمل جرح أكبر وبالتالي وقتًا أكثر في التعافي.
وقد تبدأ بعملية استئصال القولون بالمنظار وتحدث مضاعفات تضطر الطبيب للانتقال إلى غرفة العمليات بجرح مفتوح.
في الحالتين يربط الطبيب نهاية الجزء السليم من الأمعاء بمخرج للفضلات حسب حالة المصاب.
- في الحالات البسيطة (الاستئصال الجزئي)
يربط النهايتين السليمتين من نفس الأمعاء ببعضهم ويستمر القولون في عمله بعد العملية.
- في حالات الاستئصال الكلى
حالات الإصابات الخطيرة قد يلجأ الطبيب إلى ربط الأمعاء الدقيقة بفتحة خارجية مرتبطة بكيس لجمع البراز وقد تكون هذه العملية دائمة أو مؤقتة.
في حالة الاستئصال الكامل للقولون والمستقيم؛ يربط الطبيب الأمعاء الدقيقة بالشرج عن طريق عمل أنبوب باستخدام الأمعاء الدقيقة نفسها لربطها مع الشرج ويكون الإخراج طبيعياً بعدها.
ما بعد عملية استئصال القولون
يتم التعافي من العملية في خلال يومين إلى أسبوع، قد تختلف من مريض لآخر تبعًا لحالته الصحية.
يشمل روتين التعافي خلال هذه الفترة تناول الأطعمة غير الصلبة وأخياناً التغذية تكون وريدية حتى تتم عملية الالتئام الكامل.
إذا تم تركيب كيس البراز يتم تدريبك على كيفية استخدامه وتغييره لضمان عدم تلوث الجرح و للتأقلم على وجوده إن كان دائمًأ.
مضاعفات استئصال القولون
تختلف مضاعفات عملية استئصال القولون تبعًا للحالة الصحية للمريض وطريقة العملية نفسها وليس بالضرورة مرور كل مريض بها على الإطلاق ولكن يجب التوعية بها وهي تشمل:
- حساسية من التخدير بشكل عام.
- التهاب في جدار البطن داخليًا أو خارجيًا.
- نزيف داخلى.
- جلطات في الساقين وأحيانًا تصل للرئتين.
- فك الغرز الداخلية التي تربط الأمعاء مما يوجب التدخل سريعًا لربطها.
- إصابة أعضاء أخرى بجانب الأمعاء وخاصة المثانة.
- حدوث فتق في الأمعاء.
- التعرض لاتصاقات في المعدة أو الأمعاء مما قد يسبب انسادًا جديدًا.
وأخيرًأ بالرغم من صعوبة الفكرة حتى كتخيل على البعض إلا أنها واقع يعيشه العديد من المرضى حول العالم ممن تعرضوا لأسباب تدفعهم لها. وهم الآن يعيشون حياتهم بطريقة طبيعية أو على الأقل تأقلموا على حياتهم الجديدة.
حتى أن بعض منهم يعرض فيديوهات لكيس البراز الخارجى ويحكى قصة نجاحه بفخر. فقد قهر المرض وعبر عملية ليست هينة وفاز في النهاية بابتسامة أمل لحياته يشاركها مع الآخرين!