عندما تشعر -بصفة مستمرة- بألم شديد في البطن أو حرقة في المعدة بعد تناول الطعام بساعتين أو ثلاث، أو عندما تستيقظ من النوم على هذا الألم، ولا يزول إلا عند تناول الطعام، وتذهب للطبيب فيخبرك أن لديك جرثومة المعدة. الأمر الذي يتطلب مجموعة من الفحوصات والعلاج لمدة من أسبوعين إلى أربعة أسابيع. لا تفزع عزيزي القارئ، سنتعرف في هذه المقالة على جرثومة المعدة، وكيف تحدث الإصابة بها، وكيفية التشخيص وما الأعراض التي تظهر على المريض، وما العلاج وستعرف إجابة سؤال المقالة: متى تموت جرثومة المعدة؟
محتويات المقال
جرثومة المعدة
تستوطن جرثومة المعدة الجهاز الهضمي لأكثر من نصف سكان العالم، بنسبة 50 – 75% تقريبًا، على الرغم من ذلك فهي لا تُحدث أعراضًا في معظم الحالات، وغالبًا ما تحدث الإصابة في الأطفال؛ نتيجة عدم الالتزام بالعادات الصحية مثل غسل الأيدي بالماء والصابون قبل الأكل وبعد التغوط وتناول الأطعمة الملوثة خارج المنزل أو اللعب واللهو في الماء الملوث في الحدائق.
هي بكتيريا حلزونية سالبة الجرام، تعرف أيضًا بالملوية البوابية، أو البكتيريا الحلزونية، أو هيليكوباكتر بيلوري (Helicobacter Pylori). تصيب الجهاز الهضمي حيث يُمكنها شكلها الحلزوني من اختراق الغشاء المبطن لجدار المعدة والإثنى عشر، ولها القدرة على أن تعيش وتتكاثر في الوسط الحمضي للمعدة بفضل إنزيم اليوريز (urease) الذي تفرزه ليعادل حمض المعدة.
تسبب جرثومة المعدة التهابًا في خلايا المعدة، وهي سبب الإصابة بالقرحة الهضمية والالتهاب المعدي، وفي حالات قليلة قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان المعدة ما لم تعالج. يعتمد ذلك على التاريخ العائلي لمرض سرطان المعدة لدى المريض وعوامل خطر الإصابة بالسرطان الأخرى.
كيف تحدث الإصابة بجرثومة المعدة
تشير الدراسات إلى أن الإصابة تحدث في مرحلة الطفولة. قد تظهر الأعراض أو لا تظهر مع التقدم في العمر، وتحدث العدوى نتيجة العادات الصحية السيئة مثل عدم غسل الأيدي بالماء والصابون بعد التغوط وقبل الأكل.
أيضًا تنتقل الجرثومة بسبب الماء والطعام الملوثين ما يشير إلى انتشار الإصابة في المجتمعات النامية التي تفتقر إلى التوعية والبيئة الصحية.
يمكن للجرثومة أن توجد في لعاب المريض؛ لذا تحدث العدوى عن طريق القبل، وتحدث أيضًا عند الاختلاط بشخص مصاب واستخدام أدواته الشخصية أو ملامسة القيء أو البراز للمريض.
أعراض جرثومة المعدة
قد لا يعرف معظم المصابين بجرثومة المعدة أنها موجودة لديهم ما لم تُحدث أعراضًا. تظهر الأعراض عند حدوث التهابًا في جدار المعدة أو الإثنى عشر، الأمر الذي يؤدي إلى قرحة المعدة ( القرحة الهضمية)، وظهور الأعراض الآتية:
- شعور بالانفتاح.
- شعور بالشبع والامتلاء في أول الوجبة.
- ألم خفيف أو شديد في البطن أو إحساس بالحرقة (العرض الأكثر شيوعًا).
عادة ما يظهر بعد الأكل بساعتين أو ثلاث أو أثناء النوم عندما تكون المعدة فارغة ويزول عند تناول طعام.
- شهية ضعيفة للطعام.
- غثيان.
- قيء.
- براز أسود أو ظهور دم في البراز.
- الشعور بالإرهاق والضعف.
- فقدان في الوزن دون سبب مرضي آخر.
إن ظهور دم في القيء أو البراز يعد مرحلة خطيرة تستوجب الرجوع فورًا إلى الطبيب وتلقي العلاج.
تشخيص جرثومة المعدة
يلجأ الطبيب إلى إجراء بعض الاختبارات للتأكد من وجود جرثومة المعدة قبل وصف العلاج المناسب لها
- اختبار النفس
يقيس هذا الاختبار كمية الكربون المنبعثة أثناء الزفير داخل كيس قبل وبعد تناول المريض أقراص اليوريا؛ حيث أن أنزيم اليوريز (urease) الذي تفرزه جرثومة المعدة يتفاعل مع أقراص اليوريا وينتج المزيد من الكربون. زيادة نسبة الكربون بعد تناول الأقراص دليل على وجود جرثومة المعدة.
- فحص عينة براز
تؤخذ عينة من براز المريض للفحص في المعمل والكشف عن وجود جرثومة المعدة.
- اختبار الدم
يكشف اختبار الدم عن الأجسام المضادة التي يُكونها الجسم ضد جرثومة المعدة ولكن هذا الاختبار لا يُعتد به في التشخيص؛ لأن الأجسام المضادة قد تظل فترة طويلة في الدم حتى بعد تمام الشفاء من الجرثومة.
- التنظير العلوي للجهاز الهضمي
يُمرر مختص المناظير أنبوب رفيع عبر الفم والحلق إلى المريء والمعدة والإثنى عشر (الجزء الأول من الأمعاء)، يكون في الطرف الآخر منه كاميرا لتصوير تلك الأعضاء من الداخل، وقد يحتاج الطبيب إلى أخذ خزعة من أنسجة المعدة لتحليلها والكشف عن وجود جرثومة المعدة بها في بعض حالات الإصابة الشديدة ووجود نزيف.
بروتوكول علاج جرثومة المعدة
يعتمد أطباء الجهاز الهضمي في علاج جرثومة المعدة على تقنية العلاج الثلاثية المكونة من:
- المضادات الحيوية لقتل البكتيريا
يحتاج القضاء على جرثومة المعدة إلى نوعين من المضادات الحيوية، الكلاريثروميسين (Clarithromycin)، والأموكسيسللين (Amoxicillin).
- مثبطات مضخة البروتون في المعدة
هي علاجات تُقلل من إفراز حمض المعدة عن طريق غلق مضخة البروتون في الخلايا المَعدية مثل:
لانزوبرازول (lansoprazole)، وإيزموبرازول (esomeprazole)، وبانتوبرازول (pantoprazole).
تستمر مدة العلاج أربعة عشر يومًا، ثم يُعاد اختبار النفس بعد مضي أسبوعين من إنتهاء جرعة مثبط مضخة البروتون وأربعة أسابيع من انتهاء جرعة المضاد الحيوي للتأكد من القضاء على جرثومة المعدة. يصف الطبيب العلاج بناءً على عمرك، وحالتك الصحية، وشدة الأعراض، وتاريخك المرضي. يُعد استكمال العلاج والالتزام به طوال المدة المحددة من قبل الطبيب سببًا في التخلص من جرثومة المعدة وتقليل فرص الإصابة بها من جديد.
يحتاج المرضى بعد الشفاء إلى إتباع الأنظمة الغذائية الصحية والابتعاد عن العادات السيئة مثل التدخين، والإكثار من تناول القهوة، والأكل خارج المنزل، وتجنب تناول الأدوية المسكنة للألم؛ حرصًا على سلامة المعدة وتمام شفائها من القرحة الهضمية والالتهاب المَعدي.
قد لا يستجيب بعض المرضى للعلاج؛ يحدث ذلك بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية (antibiotic resistance)، في هذه الحالة ينبغي الرجوع إلى الطبيب لاتخاذ اللازم وتغيير الخطة العلاجية قبل أن يزداد الأمر سوءًا.
هل تعلم متى تموت جرثومة المعدة؟
تعد الخطة العلاجية المتبعة حتى الآن هي الوسيلة الوحيدة للقضاء على جرثومة المعدة، على الرغم من وجود حالات مرضية لم تنجح معها تلك الخطة بسبب التحسس من المواد الفعالة، أو وجود مقاومة من البكتيريا للمضادات الحيوية.
من الجدير بالذكر أنه جاء في بحث علمي نُشر في موقع المكتبة الوطنية للطب بالولايات المتحدة الأمريكية في مارس عام 1998 أن استخدام مادة النيتريت (Nitrite) بتركيزات وظيفية أدى إلى موت جرثومة المعدة بعد 30 دقيقة من تعرضها للحمض، وهذا يعني أن مادة النيتريت تقلل من مقاومة الجرثومة لحمض المعدة وإمكانية قتلها.
الآن بعد أن أجبنا عن سؤال متى تموت جرثومة المعدة تستطيع عزيزي القارئ أن تحمي نفسك وأسرتك من جرثومة المعدة؛ عندما تتجنب الطعام والماء الملوثين، وتحرص على النظافة الشخصية وممارسة العادات الصحية، وفي حال الشعور بأية أعراض في المعدة لا تتردد في الرجوع إلى الطبيب المختص حتى لا يتفاقم الأمر.