كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟ عبارة مخيفة في عالم التكنولوجيا !! فبالرغم من أن التكنولوجيا الحديثة أسهمت في حل العديد من المشاكل ،و ما عادت به بالنفع على البشرية من اختصار للمسافات، وتقليل الوقت والجهد.
ولكن… ليست الحياة وردية دائمًا، فبالرغم من تعدد المزايا والفوائد لهذه التكنولوجيا، إلا أن المخاطر والمساوئ التي نتجت منها تكاد تكون لها اليد العليا في هذه المسألة بشكل أو بآخر، ولعل أكثر المتأثرين بالتكنولوجيا من حولنا هم الأطفال، جيل المستقبل، وما زاد معها من فرط استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل واسع منذ نعومة أظافرهم، ومعها ظهرت أمراض واضطرابات كثيرة لم نكن نسمع بها من قبل: كفرط الحركة وتشتت الانتباه والتوحد.
ويعد التوحد واحدًا من أهم هذه الاضطرابات في سن الطفولة، واليوم سنجيب على أهم هذه التساؤلات التي تدور في أذهان الكثير من الأمهات :كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟ ما هو التوحد؟و ما هي أسبابه، وأعراضه؟ وهل للأجهزة الإلكترونية يد في ظهور هذه الحالة؟ أم أنها بريئة من هذا الإتهام؟
محتويات المقال
كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟
بدايةً ماهو التوحد؟ التوحد هو أحد الاضطرابات العصبية والنفسية، والتي تظهر عند الطفل منذ طفولته، وقد تستمر طيلة الحياة، و تتراوح شدة الأعراض من حالة إلى أخرى، وتتضمن عدة صعوبات في التواصل مع العالم حوله، والتعامل مع الآخرين مع فرط الحساسية ضد المُؤثرات المختلفة.
أسباب التوحد
- أسباب تتعلق بالوراثة
وجود بعض الجينات التي لها علاقة بالإصابة بالمرض، أو جعل الطفل أكثر عرضة للإصابة، أو وجود بعض الجينات التي تؤثر على نمو الدماغ وتطوره.
- أسباب تتعلق بالبيئة
قد يحدث بسبب الإصابة بعدوى معينة، أو التعرض لتلوث بيئي.
- أسباب أخرى
حدوث مشاكل أثناء الولادة، أو حدوث خلل في الجهاز المناعي.
تكمن عوامل الخطورة في:
- الجنس فالذكور أكثر عرضة للإصابة عن الإناث.
- تاريخ العائلة لو أن شخصًا واحدًا مصابًا في العائلة، فهناك احتمالية كبيرة للإصابة.
- تقدم سن الأب أو الزواج في سن متأخرة وليس تقدم سن الأم كما يعتقد الكثير.
الإصابة ببعض الأمراض كمتلازمة الكروموسوم الهش Fragile X Syndrome، والصرع.
كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟
هناك العديد من الأعراض التي تحدد ما إذا كان طفلكِ مصابًا بالتوحد أم لا، وهذه الأعراض تبدأ في الظهور من عمر السنة، ولكن لا يمكن تشخيصها إلا في عمر 3- 4 سنوات، ويصعب معرفتها مع الرضع.
حيث مع بداية عمر السنة تكون قد ظهرت بعض ملامح من شخصية الطفل، وطريقة تعامله واستجابته مع العالم المحيط به، وهذه الأعراض تختلف من طفل لآخر حسب درجة الحالة، وبالرغم من عدم وجود علاج بعينه، إلا أن التشخيص المبكر يحِدٌُ من شدة المرض بشكلٍ كبير.
وهذه الأعراض تشمل:
- عدم الاستجابة عند التخاطب معه أو النداء، أو مع الإشارات، قلة التواصل مع الآخرين، وعدم فهمه لإنفعالاتهم، حيث يكون له عالمه الخاص المعزول عن المحيط الخارجي.
- المُبالغة في الانفعالات، أو حدوث سلوك عدائي أو تعدي جسدي على الآخرين، وخاصةً في المواقف الجديدة أو عند تغيير الأماكن والأشخاص.
- تأخر النطق والكلام، فعند عمر الثلاث سنوات يصبح الطفل قادرًا على النطق، و تكوين بعض الكلمات، وفهم الآخرين والتواصل معهم.
- استخدام طرق أخرى للتعبير عن نفسه واحتياجاته غير الكلام كالرسم مثلًا.
- صعوبة التعبير عن النفس والمشاعر المختلفة: كالفرح أو الحزن أو الألم .
- تكرار سلوك معين (السلوك التكراري)، كإعادة ترتيب الأشياء بشكل معين ومكرر، أو رسم شكل معين عدة مرات.
- ترديد الكلام أو حركات معينة عدة مرات بشكل تلقائي.
- عدم وجود ردات فعل تجاه تصرفات الآخرين، فيظهر قلة التواصل البصري والسمعي.
- حب العُزلة والانطوائية في جميع المجالات، وعدم التفاعل مع الأحضان والتلامس والمشاعر، مع وجود ثبات انفعالي تجاه المؤثرات المختلفة، وربما على النقيض إظهار الدهشة والاستغراب من أشياء عادية لا تستدعي ذلك.
- قلة التركيز والتشتت، مع وجود صعوبات في التعلم وتفاوت أيضًا في درجاته، فنجد البعض يتميز بقدرات خارقة كسرعة التعلم مثلًا، والبعض الآخر محدود القدرات يحتاج إلى مجهود أكبر.
و أحيانًا قد يصاحب ذلك فرط الحركة وتشتت الانتباه.
وقد يتطور الأمر إلى حدوث مضاعفات، تزيد الحالة سوءًا عند التباطؤ في تقديم العلاج المناسب: كزيادة الإخفاق الدراسي، و العزلة والانطوائية، الإيذاء الجسدي والعُدوانية.
وهنا تكثُر التساؤلات هل التوحد هو نفسه فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
الجواب، كلاهما يشكل صعوبات في التركيز و في التواصل، وبالرغم من هذا التشابه إلا أن كلاهما مختلفين.
فالتوحد عبارة عن سلسلة من الاضطرابات تؤثر على المهارات والسلوك، أما فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD فيؤثر في الأغلب على نمو الدماغ وتطوره، وقد يكون الطفل مصابًا بالحالتين معًا.
في الحالات المصابة بطيف التوحد نجد التركيز والتواصل أقل مما هو عليه في فرط الحركة وتشتت الانتباه، لا يكثر التحدث إلا فيما يحب، يحب الترتيب والتكرار ويألف العزلة والروتين، وعلى النقيض في فرط الحركة وتشتت الانتباه، فإنه يحب التحدث لفترات طويلة دون توقف، ولا يحب التكرار أو العزلة.
قد يهمك: كيف أتعامل مع طفلي المشاغب
من جانب التشخيص كلاهما متشابه، ولكن كلًا منهما يركز على سلوكيات معينة، فطيف التوحد يركز في تشخيصه على صعوبات التعلم والتفاعل مع الآخرين، بينما نجد في فرط الحركة وتشتت الانتباه التركيز على التذكر والنسيان، والتململ عند أداء مهام معينة هو المهيمن في هذه الحالة.
كيف يتم تشخيص الحالة؟
- على الوالدين المُسارعة في حالة ظهور أي أعراض غريبة على الطفل، أو تأخر ملحوظ في النمو أو في أي مهارات أخرى مقارنة بمن هم في مثل سنه، و المُبادرة بالكشف المُبكر عند أهل الاختصاص.
- فحص الطبيب للطفل والتحدث معه، ومعرفة تفاصيل الحالة، وتحديد مهارات الطفل ومدى استجابته تجاه المؤثرات المختلفة، وذلك بعقد اختبارات مختلفة لتحديد درجة الحالة واختيار العلاج الأنسب لها.
علاج التوحد
الهدف من العلاج هو التغلب على الصعوبات، وتوفير بيئة مناسبة من أجل زيادة قدرتهم على مواكبة العالم من حولهم.
لا يوجد علاج بمفرده، وإنما هي دائرة كاملة، كل جزءٍ فيها يكمل بعضه بعضًا، وتتكون من:
- علاج سلوكي behavioral therapy.
- علاج لمشاكل النطق والكلام speech language pathology
- علاج تعليمي.
- علاج دوائي ويشمل علاج لبعض الأعراض المصاحبة للتوحد كالقلق مثلًا.
بعض الحقائق والمعلومات حول تساؤل الأمهات: كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟
- الأجهزة الإلكترونية تزيد من التشتت وقلة التركيز وهي عامل محفز لظهور التوحد، فحاولي تقليل ساعات مكوث طفلكِ عليها، والأفضل إيجاد بدائل مفضلة لديه.
- لابد من تقديم النُصح للوالدين بكيفية معرفة الحالة منذ الصغر، وكيفية التعامل إذا ما تم تشخيصها على أنها توحد، وكيفية تقديم الدعم والمساعدة للطفل حتى يتسنى له التعامل مع الآخرين.
- لا دليل على صحة مقولة أن اللقاحات لها علاقة بظهور التوحد.
- يعتقد البعض أن للنظام الغذائي تأثير على التوحد، ولكن لا دليل حتى الآن على ذلك.
اقرأ أيضًا: بناء الثقة عند الأطفال
كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد لا يخص الصغار فقط!!
قد يحدث التوحد عند الطفل في سن متأخرة، وتتشابه أعراضه إلى حد كبير مع أعراض الطفل الصغير، وتقريبًا لها نفس المُسببات، بالإضافة إلى انخفاض وزن الطفل عند الولادة، أو إصابة الأم بالعدوى أثناء الحمل، أو تناولها لبعض الأدوية جميعها تندرج تحت المُسببات أيضًا.
يحتاج علاج التوحد عند الكبار الى عدة نقاط، بالإضافة إلى ما ذكر سابقًا في حالة الصغار، وذلك لأن الكبير أصبح ذو وعي وإدراك، ومتطلبات تفُوق حاجة الصغار، وبالتالي تزداد الحاجة لتقديم دعم أكبر، فيحتاج إلى:
- تسليط الضوء بشكل أكبر على التعليم والتأهيل المهني، وذلك بتخصيص أماكن للتعامل مع هذه الفئة المهمة في المجتمع، وتخصيص وظائف لهم كلٍ على حسب قدرته وإدراكه.
- تدخل العلاج والدعم النفسي من المحيطين به.
- علاج دوائي للأعراض المصاحبة كالقلق والاكتئاب.
وأخيرًا…. كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟ لا تستدعي القلق، ولا تعني أن التوحد مرض معين.
وإنما أن العقل يعمل بطريقة تختلف عن الآخرين، فلا بد من فهم هذه الطريقة، وتوجيهها إلى الطريق الصحيح ، لكي يتم الاستفادة من هذه القدرات المدفونة، من أجل حياة أفضل له ولمن حوله.
وهذا لا يعني أنه لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية، ولكن فقط يحتاج إلى جهد، ودعم أكبر للوصول به إلى بر الأمان.